[
-أنا لا أخاف الموت بل أتمناه أحياناً.
لأنه ينهي كل عذاباتي، لا فرح ولا حزن، ولا خوف..
كنا نتحدث عن الموت كثيراً، كنا شباباً، الشباب يتحدثون عن الموت بلا
مبالاة ودون خوف.
-أنا لا أحسد أحداً إلاّ الذي يستشهد، إنه موت رائع. موت اختياري...
كنا، أنا وأخي، نتحدث عن الموت، شهيدين. وعندما أخبروني بأنه حكم
عليه بالإعدام كنت في جمع رومانسي، ففرحت بقدر ما حزنت، يومها
كنت امرأة حالمة، ابتلعت دموعي وانتقيت كلماتي:
-لماذا يستشهد أبناء الفقراء فقط، ليكنْ لعائلتي شهيد أيضاً..
كالحكايات الخرافية والأفلام الهندية، نجا أخي من عقوبة الإعدام وعدنا
نتحدث عن الموت ثانية وشاب أحاديثنا الحزن والحسرة. كان في مخبئه،
يراقب لساعات الشارع المزدحم الغارق في أشعة شمس خريفية باهتة.
-لن نقاوم طويلاً، هل يمكن محاربة الهواء المسموم؟! أشعر بحزن بل
بغضب عندما أفكر بأني سأموت وتبقى هذه الشمس تشرق وتغمر هذا
الشارع بأشعتها و..
ولا تزال الشمس تشرق. والشارع أصبح أكثر ازدحاماً ولم يعد هناك من
أتحدث معه عن الموت أو الاستشهاد!
center]